الأحد، 3 أغسطس 2014

حيران محتار


لا اخفيك سرا انا لا اكتب من اجل شهرة ولا اكتب من اجل قضية ولا بهدف التسلية او لفراغ , وانما السبب الحقيقي هو ان اشارك افكاري مع الآخرين وليس كل الآخرين بل من هم على شاكلتي من الباحثين المحايدين اصحاب التفكير الدؤوب والعقل الشكاك الذي لا يركن الى جنب فيؤمن ويسلم دون اقتناع , او يتعصب لفكرة ويدافع عنها باستمرار , او يحمل على كتفيه هم التنوير والتزوير , او يصيبه العجب بنفسه وبما وصل اليه فيأخذ يتفاخر ويتبجح بما عنده من معلومات , لذلك عندما ارى شخص ممن تنطبق عليه هذه الصفات اشعر بسعادة رغما عني وابتسم لاني وجدت من يستطيع ان يشاركني بعض او كل الافكار , وللاسف هذا لا يحدث الا نادرا .

فحتى العقول تحولت الى انماط , حدث بعد ان قام البعض بتصنيف الافكار والتوجهات وصبها في قوالب جامدة لا تستطيع ان تستوعب كم التناقضات والشذوذ التي تصيب المرء ولو في اتجاه واحد . تخيل ان الملحد يفكر كملحد والمؤمن يفكر كمؤمن والعدمي يفكر كعدمي تماما كسياسة القطيع , كل يمشي خلف سابقه ويجر وراءه لاحقه الى المجهول , فلا يتوقف احد منهم ويسأل نفسه لماذا لا اسلك طريقي بنفسي ؟ ولماذا لا اكف عن ملاحقة الآخرين ؟


الحياة بالنسبة لي مصفوفة تحوي اخطاء وتسربات بالجملة حتى قياسا على الاحلام والتخيلات في اشد اوقات الهذيان , فبضغطة زر واحدة على جهاز التحكم الخاص بك وسترى بعينيك على الشاشة كم التناقض والاخطاء التي يظهرها هذا العالم بوضوح وفجاجة , امم تباد بتبريرات مضحكة , ورئيس كارتوني يحكم شعب بأكلمه وهو في حقيقة الامر لا يصلح حتى للعمل في مقهى , وعاهرة تناطح آلهة اليونان الجمال في حين ان مثيلتها تسكن القصور وتدعي الثقافة والعلم , واب يقتل اطفاله بدم باردة من اجل بضعة جنيهات , واعلانات في كل مكان تصيب المرء بالغثيان , كل هذا غير منطقي , كل هذامتناقض مع بعضه , كل هذا يحوي اخطاء بالجملة .

ان الكون كما تراه عيني وبما يحويه من موجودات هو عبارة عن شكل هلامي لا قيمة له ولا ثبات , مجرد اشكال هندسية تبدو متماسكة وعمليات حسابية معقدة تصنع هذا الجمال المزعوم , ولو عدت الى مصدره لوجدته نقطة توسعت في زمن ما , اما الانسان هذا الكيان الهش الذي تتقاذفه الافكار يمنة ويسارا , فديًن تستعبده كلمات واوهام , او لا مبالي تتلاعب به الظروف والاحلام , هذا الانسان الذي لم يعرف حقيقة وجوده ( ولا اظنه سيعرف ) ليس لانه لا وجود لحقيقته بل لانه لا وجود للحقيقة نفسها , فالانسان ليس هنا بامر من اله , ولا بخلطة من طين و صلصال , ولا تكون بالصدفة من تطور خلية ما , ولا تم صنعه على يد رجال الفضاء

اما عن التمرد فلم اعرف له طريقا سوى الكلمات , بمشاركة الافكار , بالاختباء ورا معرف افتراضي لا يظهر مني سوى اشباح , اما التمرد على المجتمع فلم افعله الى الآن ولا اظنني سأفعله , اما لان الامر لا يستحق المحاولة والتجربة , واما انه يستحق لكني غير مستعد له الآن , او ان الامر لا يعد كونه حجج اصنعها لنفسي على اي حال وربما عزائي الوحيد لنفسي انني لا استطيع ان اكف عن الكلام , لا استطيع ان امنع عقلي من الشك والتمحيص في كل ما اقرأه واراه , وليس عندي اي متنفس آخر استطيع ان ابوح به بما يعتمر في نفسي ويكفيني كما قلت ان اجد من يشاركني هذا الشعور بالهذيان .