مقامات القرني

بينما انا مار ذات يوم بجانب الحرم اذ اخذتني غفوة يسيرة فرأيت امرأة لم ارى في جمالها احد فوالله لو وقفت بجانب زوجتي لتبين الفرق بين وسامة العريفي و قبح بن باز رحمه الله , فأمسكت بتلابيب ثيابي و اقسمت علي ان افك صدريتها .. فاستعذت بالله من الشيطان الرجيم و تذكرت نبي الله يوسف فصفعتها صفعه لا يقدر على الاتيان بمثلها الا رجال الهيئه اثابهم الله .. فجفلت و احمرت عيناها من الدمع فهي كظيمه فجمعت في فيها كل اللعاب و البلغم ثم بصقته في وجهي فوالله لبصقتها حينها احب الي من بصقه رسول الله في عين الاعمى , فدخل في انفي شئ من ريح البصاق فوالله لهو اطيب ريحا من العود فاشتهت نفسي ان اتذوقه فاولجت بعضا منه في فمي فتالله لم اذق شئ في حياتي الذ و اطعم من هذا البصاق . فحدثتني نفسي اللوامة بالاعتذار لها .. ففعلت .. على انها اخذت يدي فوضعتها على خدها و قالت قبحك الله أ تضرب امرأه ؟؟ الم يقل رسول الله رفقا بالقوارير .. فحز في نفسي ما سمعته منها فبكيت حتى ابتل شعر عانتي و قلت فداكي انت و رسول الله ثم ارتجلت قائلا :

بصقت علي القحبة لما صفعتها.. و ذكرتني بخير خلق الله

و ماكان البصاق منها الا عنبرا .. مازال طعمه في فمي لم انساه

فأفقت من نومي على يد تهزني هزا شديدا فنظرت فاذا هو رجل طويل الجسم اكحل العينين محمر الخدين عليه هيبه اسد الاسلام حمزه رحمه الله و اصابعه عظيمة متورمه من اثر السجود فصفعني صفعه سمعها اهل العراق .. فانتبهت و سألته عن سببه ضربه لي فقال : يا عدو الله لقد اؤذن للصلاة و انت مازلت نائما تمص ابهامك ؟ .. فلم انتبه الا وانا انزع اصبعي من فمي فكأن طعم البصاق مازال عليه .. فأخذت يد الشيخ فقبلتها و قلت هذه يدا مثواها الجنة فجزاه الله خير الجزاء على ما فعله

ثم هرولت مسرعا لالحق صلاه العصر وانا انتحب فلم اتوقف عن النحيب الاحينما سمعت صوت الشيخ الشريم الرخيم حفظه الله فوجدت فرجة بين الصف و العمود لا تتعدى الذراع فوقفت فيها و نويت الصلاة .. و عند الركوع اصطدمت مؤخرتي برأس من كان خلفي فأحسست بشئ من ريح اريد اخراجه فتذكرت ان الحبيب كان لا يرد الريح .. فأطلقته فسقط من كان خلفي مغشيا عليه لحلاوة صوت الشريم حفظه الله .. ثم فكرت هل علي ان اتوضأ ام اتيمم ؟؟ و هل آخذ برأي الحنابلة ام بالشافعية ؟ .. فأنا مسافر و الصلاة حاضرة و مكان الوضوء ليس بقريب .. فتوكلت على الله و مسحت كفي في بلاط الحرم ثم مررتها على وجهي و نويت الصلاة.

و جاءت من الامام اطاله كأطاله محمد جبريل في صلاة التراويح فجلست لان بي الم في ظهري و شكرت الله ان اعطى المريض مثل هذه الرخص .. لكن لم احتمل هذه الجلسه فاضجعت على جنبي عسى ان ينتهي الامام فاعتدل .. فأطال .. فاضجعت على ظهري و اخذتني سنه من النوم .. فرأيت نفس المرأة في المنام فقالت لي ويحك يا ابا عائض ان شخيرك اعلى صوتا من مشاري راشد في سورة مريم فسألتها عن اسمها فقالت انا حفصه بنت محمص لبتين آل عرقوب و سألتني عن وجهتي فقلت لها انني هنا لجمع اموال الزكاة من المتبرعين الاطهار حتى اعود بها الى الفقراء و المساكين فاقسمها قسمة الحق بينهم و اضع خمسي على جنب حتى لا يختلط بهم ..فضحكت كاشفة عن اسنان ناصعة ابيض من البان الابل و وابيض من وجه محمد حسين يعقوب حفظه الله

فسمعت اصوات اناس يتشاجرون فصحوت من نومي لاجدني محمولا على الاكتاف فسألت الحاملين عن سبب حملهم لي ... فما كان منهم الا الصمت و ووجوهم قاسية الحجاره او اشد قسوة و ان من الحجاره لما يتفجر منه الانهار او كوجوه المغضوب عليهم و الضالين .. ثم رموني على الارض فانكسر ضلعي الايمن بصوت اسمع نصارى نجران فجاء نفس الشيخ الذي ايقظني من النوم قبل الصلاة فصفعني بيده المتورمه من اثر التسبيح و نادى في القوم ان هذا الرجل كان نائما وقت الصلاه و كان يمص ابهامه .. فشهق الناس شهقه كشهقه المرأه عند بلوغ ذروتها و تكالبوا علي فمزقوا ثيابي و ضربوني اشد ضربا فتذكرت الامام مالك حينما رفض زواج المكره و كيف انهم ضربوه حتى انخلع كتفه

و كان منهم رجل رشيد فأفتى بجواز اللعب في مؤخرة الفاسقين فأمن الناس على كلامه راضيين و انهلت علي الاصابع من كل صوب و حدب تتسابق على الدخول في مؤخرتي تسابق ابي بكر و عمر في فعل الخيرات .. فمن كثرة تحريك اصابعهم بداخلي وجدت ريحا .. فتذكرت ان الحبيب كان لا يرد الريح .. فأطلقته .. فكان صوته اعلى من صوت العباس يوم أحد و هو ينادي في المسلمين .. ففزعت قلوب الرجال و ارتعدت لحاهم فولوا مدبرين .

فناديت على فتى اغبر اشعس الشعر كأنه عبدا فارسيا فأعطيته عشره دنانير على ان يحملني الى خارج الحرم .. ففعل و كفى و سألني اذا كان لي شهوة في لواط .. فأخذت منه العشر دنانير و صفعته لعنة الله عليه و الملائكة و الناس اجمعين فاستوقفت سيارة اجرة و امرت السائق ان يتوجه بي الى الفندق .. فنظر لي في شك مريب و قال : لما اراك كسيحا كأن خيول التتار داست على جسدك ؟؟ فحكيت له ما حدث .. فضحك حتى اصطدمت رأسه بعجلة القيادة فانحرفت السيارة عن طريقها كما ينحرف اصحاب البدع عن الدين .. فاصطدمنا بجدار

فلم اشعر الا و بعض اهل الخير يجروني خارج السيارة و تبين لي ان ضلعي الايسر ايضا قد انكسر .. فحمدت الله على ما اصابني و تذكرت قوله تعالى : الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون .. فأشار بعض الرجال على نقلي الى المستشفى السعودي الرئيسي .. و عندما وصلت هناك رفضت الدخول و صحت فيهم اين انتم من قول رب العزة : ام حسبتم ان تدخلوا الجنة و لما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء و الضراء و زلزلوا حتى يقول الرسول و الذين آمنوا معه متى نصر الله الا ان نصر الله قريب فرحلت عن المكان عازما الذهاب الى الفندق فلم تستطع قدماي ان تحملاني من شدة الالم فسقطت في وسط الطريق .

فمرت سيارة فداست على قدماي حتى سمع صوت الطرقعه أناس من خراسان .. فصرخت من شدة الالم و رايت غمامة على عيني كأني موشك على الاغماء و من بين صحوة و نوم رأيت قائد السيارة يحاول الخروج منها بجسده السمين فتعذر عليه ذلك .. فحاول مرارا حتى نجح .. و كانت عليه ثيابا غالية فمد لي يده فلما مددت له يدي اخذها و قبلها و قال سامحني فقد كنت اتكلم في الجوال مع زوجتي ولم انتبه لمرورك .. فوالله ما رأيت عذرا اهون منه الا عذر حاطب بن ابي بلتعه او كعذر كعب بن مالك .. فسامحته و دعوت له وطلبت منه ان يوصلني الى الفندق ففعل و عندما وصلنا الى الفندق حاول مرارا ان يخرج جسده الثمين من السيارة حتى نجح ثم حملني بيده بخفه و سهوله كما حمل علي بن ابي طالب باب خيبر ووصلني الى غرفته ثم ابتسم لي فرأيت اسنانه المفترقة فكانت كل فرقا كالطود العظيم ثم سلم و انصرف .